وَلَمَّا رَأَى شَيْبَةُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي طَلْحَةَ -وَقَدْ قُتِلَ أَبُوهُ يَوْمَ أُحُدٍ كَافِرًا- رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَدِ انْهَزَمَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا، قَالَ: اليَوْمَ أُدرِكُ ثَأْرِي مِنْ مُحَمَّدٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ -وَهُمُ الطُّلَقَاءُ- وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُصِيبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- غِرَّةً (?) فَيَثْأَرَ مِنْهُ، وَكَانَ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ العَرَبِ وَالعَجَمِ أَحَدٌ إِلَّا اتّبعَ مُحَمَّدًا مَا اتَّبعْتُهُ أبَدًا.
فَجَاءَ رَجُلٌ عَنْ يَمِينهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَإِذَا هُوَ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ: عَمُّهُ وَلَنْ يَخْذُله، ثُمَّ جَاءَهُ عَنْ يَسَاره فَإِذَا هُوَ بِأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ -رضي اللَّه عنه-، فَقَالَ: ابنُ عَمِّهِ وَلَنْ يَخْذُله، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ إِذْ رُفِعَ له شُوَاظٌ (?) مِنْ نَارٍ كَالبَرقِ كَادَ أَنْ يُخرِقَهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَصَرِهِ وَمَشَى القَهْقَرَى (?)، قَالَ شَيْبَةُ: فَعَلِمتُ أنَّهُ ممنُوع.
وَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَالَ: "يَا شَيْبُ يَا شَيْبُ! ادنُ مِنِّي"، فَدَنَا، فَمَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَدْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ".
قَالَ شَيْبَةُ: فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ بَصَرِي، وَلَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَمْعِي وَبَصَرِي وَنَفْسِي، وَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ ليَّ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَا شَيْبُ! قَاتِلِ الكُفَّارَ".