وَالعَبَّاسُ -رضي اللَّه عنه-، آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَبُو سُفْيَانَ بنُ الحَارِثِ آخِذٌ بِرِكَابِهَا يَكُفَّانِهَا عَنِ الإِسْرَاعِ نَحْوَ العَدُوِّ، وَهُوَ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَا يَأْلُو يُسْرعُ نَحْوَ المُشْرِكِينَ (?).
وَهَذا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّجَاعَةِ التَّامَّةِ، إِنَّهُ فِي مِثْلِ هَذَا اليَوْمِ فِي حَوْمَةِ الوَغَى (?)، وَقَدِ انْكَشَفَ عَنْهُ جَيْشُهُ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ عَلَى بَغْلَتِهِ، وَلَيْسَتْ سَرِيعَةَ الجَرْي، وَلَا تَصْلُحُ لِكَرٍّ وَلَا لِفَرِّ وَلَا لِهَرَبٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا أَيْضًا يُرْكِضُهَا إِلَى وُجُوهِهِمْ، وَيُنَوِّهُ بِاسْمِهِ لِيَعْرِفَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَمَا هَذَا كُلّهُ إِلَّا ثِقَةً بِاللَّهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهٍ، وَعِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُ سَيَنْصُرُهُ وَيُتِمُّ مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، وَيُظْهِرُ دِينَهُ عَلَى سَائِرِ الأَدْيَانِ (?).
ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ بَغْلَتِهِ، فَاسْتَنْصَرَ رَبَّهُ ودَعَاهُ قَائِلًا: "اللَّهُمَّ! نَزِّلْ