وَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ عَمِدَ مَالِكُ بنُ عَوْفٍ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَعَبَّأَهُمْ فِي وَادِي حُنَيْنٍ، وَكَانَ قَدْ سَبَقَ المُسْلِمِينَ إِلَيْهِ، وَفَرَّقَ النَّاسَ فِيهِ، وَأَوْعَزَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَرْشُقُوا المُسْلِمِينَ بِالنَّبْلِ أَوَّلَ مَا يَطْلُعُونَ، ثُمَّ يَحْمِلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ.
وَفِي السَّحَرِ عَبَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَيْشَهُ، وَعَقَدَ الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ، وَرَتَّبَ جُنْدَهُ فِي هَيْئَةِ صُفُوفٍ مُنْتَظِمَةٍ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ -التِي أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بنُ نُفَاثَةَ الجُذَامِيُّ-، وَلَبِسَ دِرْعَيْنِ، وَالمِغْفَرَ وَالبَيْضَةَ، وَاسْتَقْبَلَ الصُّفُوفَ، وَطَافَ عَلَيْهِمْ، فَأَمَرَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى القِتَالِ، وَبَشَّرَهُمْ بِالفَتْحِ إِنْ صَبَرُوا وَصَدَقُوا.
وَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ خَالِدَ بنَ الوَليدِ -رضي اللَّه عنه-، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ حَتَّى وَرَدَ الجِعْرَانَةَ (?).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَالَ أَنَسٌ -رضي اللَّه عنه-: وَعَلَى مَجْنَبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ -رضي اللَّه عنه- (?)
بَدَأَ المُسْلِمُونَ يَنْحَدِرُونَ فِي وَادِي حُنَيْنٍ -وَكَانَ مُنْحَدَرًا شَدِيدًا- وَذَلِكَ