قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي الحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى وُفُورِ عَقْلِ هِنْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَحُسْنِ تَأْتِّيهَا فِي المُخَاطَبَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صَاحِبَ الحَاجَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاهُ اعْتِذَارًا، إِذَا كَانَ فِي نَفْسِ الذِي يُخَاطِبُهُ عَلَيْهِ مَوْجِدَةٌ، وَأَنَّ المُعْتَذِرَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَا يَتَأَكَّدُ بِهِ صِدْقُهُ عِنْدَ مَنْ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ هِنْدًا قَدَّمَتِ الِاعْتِرَافَ بِذِكْرِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ البُغْضِ؛ لِيَعْلَمَ صِدْقَهَا فِيمَا ادَّعَتْهُ مِنَ المَحَبَّةِ (?).
لَمْ يَكُنْ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ مِمَّنْ أُهْدِرَ دَمُهُ، لَكِنَّهُ كَانَ زَعِيمًا كَبِيرًا مِنْ زُعَمَاءِ قُرَيْشٍ، فَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ القَتْلَ، فَهَرَبَ خَارجَ مَكَّةَ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ ابنُ عَمِّهِ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ (?)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَقَدْ خَرَجَ هَارِبًا مِنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَدْرِكِ ابْنَ عَمِّكَ فَهُوَ آمِنٌ".
فَقَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعْطِنِي آيَةً (?) يَعْرِفُ بِهَا أَمَانَكَ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ردَاءَ (?) الذِي دَخَلَ بِهِ مَكَّةَ.