الإِسْلَامَ، فَحَيْثُ شَاءَ العَبْدُ عَبَدَ رَبَّهُ" (?).
وَرَوَى الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَوْمَ الْفتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ (?)، وَلَكِنْ جِهَاد وَنيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا" (?).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذ الأَحَادِيثُ وَالآثَارُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الهِجْرَةَ إِمَّا الكَامِلَةُ أَوْ مُطْلَقًا قَدِ انْقَطَعَتْ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ دَخَلُوا فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وَظَهَرَ الإِسْلَامُ، وَثَبُتَتْ أَرْكَاُنهُ وَدَعَائِمُهُ، فَلَمْ تَبْقَ هِجْرَةٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَعْرِضَ حَالٌ يَقْتَضِي الهِجْرَةَ، بِسَبَبِ مُجَاوَرَةِ أَهْلِ الحَرْبِ، وَعَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى إِظْهَارِ الدِّينِ عِنْدَهُمْ، فتَجِبُ الهِجْرَةُ إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ العُلَمَاءِ، وَلَكِنْ هَذِهِ الهِجْرَةُ لَيْسَتْ كَالهِجْرَةِ قَبْلَ الفَتْحِ، كَمَا أَنَّ كُلًّا مِنَ الجِهَادِ وَالإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَشْرُوعٌ، وَرُغِّبَ فِيهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَلَيْسَ