وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ إِيذَاءً لِلرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ النُّبُوَّةِ (?)، فَلَمَّا لَقِيَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَعْرَضَ عَنْهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِمَا كَانَ يَلْقَى مِنْهُمَا مِنْ شِدَّةِ الأَذَى، فَالْتَمَسَا الدُّخُولَ عَلَيْهِ، فكَلَّمَتْهُ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِيهِمَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَا يَكُنِ ابْنُ عَمِّكَ وَابْنُ عَمَّتِكَ أَشْقَى النَّاسِ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا حَاجَةَ لِي بِهِمَا، أَمَّا ابْنُ عَمِّي فهَتَكَ عِرْضِي، وَأَمَّا ابْنُ عَمَّتِي وَصِهْرِي فَهُوَ الذِي قَالَ لِي بِمَكَّةَ مَا قَالَ".
فَلَمَّا بَلَغَ الخَبَرُ إِلَيْهِمَا، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَعَهُ ابْنُهُ جَعْفَر: وَاللَّهِ لَيَأْذَننَّ لِي أَوْ لَآخُذَنَّ بِيَدِ ابْنِي هَذَا، ثُمَّ لَنَذْهَبَنَّ فِي الأَرْضِ حَتَّى نَمُوتَ عَطَشًا أَوْ جُوعًا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَقَّ لَهُمَا، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمَا، وَقَالَ عَلِيٌّ -رضي اللَّه عنه- لِأَبِي سُفْيَانَ: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَقُلْ لَه مَا قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} (?)، فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَحْسَنَ قَوْلا مِنْهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ لَه رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (?).