فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نُصِرْتَ يَا عَمْرَو بنَ سَالِمٍ"، فَمَا بَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْب".
ثُمَّ خَرَجَ بدَيلُ بنُ وَرْقَاءَ -سَيِّدُ خُزَاعَةَ- فِي نَفَرٍ مِنْ خُزَاعَةَ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ، فَأَخْبَرُوهُ تَفَاصِيلَ الخَبَرِ، وَأَنَّ قُرَيْشًا سَاعَدَتْ بَنِي بَكْرٍ عَلَى قتلِ رِجَالِ خُزَاعَةَ، ثُمَّ خَرَجَ هَذَا الوَفْدُ مِنْ خُزَاعَةَ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ (?).
وَلَمَّا نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى نَقْضِهِمُ العَهْدَ وَتَخَوَّفُوا سُوءَ صَنِيعِهِمْ، عَقَدَتْ مَجْلِسًا اسْتِشَارِيًّا، وَقَرَّرَتْ أَنْ تَبْعَثَ قَائِدَهَا أَبَا سُفْيَانَ مُمَثِّلًا لَهَا؛ لِيَقُومَ بِتَجْدِيدِ الصُّلْحِ.
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِمَا سَتَفْعَلُهُ قُرَيْشٌ إِزَاءَ غَدْرِهِمْ، فَقَالَ: "كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَكُمْ لِيَشُدَّ العَقْدَ، وَيَزِيدَ فِي المُدَّةِ"، وَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ مِنْ مَكَّةَ، فَلَمَّا كَانَ بِعُسْفَانَ لَقِيَ بُدَيلَ بنَ وَرْقَاءَ وَأَصْحَابَهُ رَاجِعِينَ مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا بُدَيلُ؟ -وَظَنَّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالَ: سِرْتُ فِي خُزَاعَةَ فِي هَذَا السَّاحِلِ، وَفِي بَطْنِ هَذَا الوَادِي، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَوَ مَا جِئْتَ مُحَمَّدًا؟ قَالَ: لَا.