وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} (?).
وَكَانَ سَبَبُ غَزْوَةِ الفَتْحِ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ صُلْحُ الحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَبَيْنَ قُرَيْشٍ كَانَ فِي أَحَدِ بُنُودِ الصُّلْحِ: أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، وأَنَّ القَبِيلَةَ التِي تَنْضَمُّ إِلَى أَيِّ الفَرِيقَيْنِ تُعْتَبَرُ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الفَرِيقِ، فَأَيُّ عُدْوَانٍ تتعَرَّضُ لَهُ أَيٌّ مِنْ تِلْكَ القَبَائِلِ يُعْتَبَرُ عُدْوَانًا عَلَى ذَلِكَ الفَرِيقِ -كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ- فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعَهْدِهِ، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرِ بنِ عَبْدِ مَنَاةَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ.
وَكَانَ بَيْنَ القَبِيلَتَيْنِ عَدَاوَاتٌ وَحُرُوبٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلَامُ، وَوَقَعَتِ الهُدْنَةُ، وَأَمِنَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ الآخَرِ، اغْتَنَمَ بَنُو بَكْرٍ هَذِهِ الفُرْصَةَ، وَأَرَادُوا أَنْ يُصِيبُوا مِنْ خُزَاعَةَ ثَأْرَهُمُ القَدِيمَ.
فَخَرَجَ نَوْفَلُ بنُ مُعَاوِيَةَ الدَّيْلِيُّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ بَنِي بَكْرٍ حَتَّى بَيَّتُوا (?)