قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا أَنْ يَتَقَاتَلَ جَيْشَانِ مُتَعَادِيَانِ فِي الدِّينِ، أَحَدُهُمَا وَهُوَ الفِئَةُ التِي تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَأُخْرَى كَافِرَةٌ وَعِدَّتُهَا مِائتَا أَلْفِ مُقَاتِلٍ، مِنَ الرُّومِ مِائَةُ أَلْفٍ، وَمِنْ نَصَارَى العَرَبِ مِائَةُ أَلْفٍ، يَتَبَارَزُونَ وَيَتَصَاوَلُونَ، ثُمَّ مَعَ هَذَا كُلِّهِ لَا يُقْتَلُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، وَقَدْ قُتِلَ مِنَ المُشْرِكِينَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَهَذَا خَالدٌ وَحْدَهُ يَقُولُ: "لَقَدِ انْدَقَّتْ فِي يَدِي يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَمَا صَبَرَتْ فِي يَدِي إِلَّا صَحِيفَةٌ يَمَانِيَةٌ"، فَمَاذَا تَرَى قَدْ قَتَلَ بِهَذِهِ الأَسْيَافِ كُلِّهَا؟
دَعْ غَيْرَهُ مِنَ الأَبْطَالِ وَالشُّجْعَانِ مِنْ حَمَلَةِ القُرْآنِ، وَقَدْ تَحَكَّمُوا فِي عَبَدَةِ الصُّلْبَانِ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَفِي كُلِّ أَوَانٍ، وَهَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنَ الفَوَائِدِ:
1 - جَوَازُ تَعْلِيقِ الإِمَارَةِ بِشَرْطٍ، وَتَوْليَةُ عِدَّةِ أُمَرَاءَ بِالتَّرْتِيبِ.