كَانَ هُنَاكَ قِتَالٌ فِيهِ هَزِيمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، أَوِ المُرَادُ بِالفَتْحِ انْحِيَازُ خَالِدٍ -رضي اللَّه عنه- بِالمُسْلِمِينَ حَتَّى رَجَعُوا إِلَى المَدِينَةِ سَالِمِينَ؟
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ خَالِدًا لَمَّا حَازَ المُسْلِمِينَ وَبَاتَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ غَيَّرَ هَيْئَةَ العَسْكَرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَوَهَّمَ العَدُوُّ أَنَّهُمْ قَدْ جَاءَ لَهُمْ مَدَدٌ، حَمَلَ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ حِينَئِذٍ، فَوَلَّوْا، فَلَمْ يَتْبَعْهُمْ، وَرَأَى الرُّجُوعَ بِالمُسْلِمِينَ هِيَ الغَنِيمَةُ الكُبْرَى (?).
وَقَدْ أَطْلَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى مَا حَدَثَ فِي مُؤْتَةَ، وَهُوَ فِي المَدِينَةِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنَعَى لِأَهْلِ المَدِينَةِ أُمَرَاءَ الجَيْشِ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيهِمْ خَبَرُهُمْ.
فَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: . . . ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَعِدَ المِنْبَرَ، وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَلا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الغَازِي، إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا حَتَّى لقَوُا العَدُوَّ، فَأُصِيبَ زيدٌ شَهِيدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ"، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ النَّاسُ، "ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ (?) جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، فَشَدَّ (?) عَلَى القَوْمِ