وَقَالُوا: جَاءَهُمْ مَدَدٌ، فَلَمَّا حَمَلَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- عَلَيْهِمْ هَزَمَهُمُ اللَّهُ أَسْوَأَ هَزِيمَةٍ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَعْدَادًا كَبِيرَةً، ثُمَّ انْحَازَ خَالِدٌ -رضي اللَّه عنه- وَانْسَحَبَ بِجَيْشِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى المَدِينَةِ، وَلَمْ يُصَبْ فِي جَيْشِهِ أَحَدٌ خِلَالَ هَذَا الِانْسِحَابِ (?).
وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا قَائِدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْقِذَ هَذِهِ القَبْضَةَ مِنَ الرِّجَالِ -بَقِيَّةَ الثَّلَاثَةِ آلَافٍ- مِنْ وَسَطِ هَذَا اللَّجِّ (?)، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِأُعْجُوبَةٍ، وَقَدْ أَتَى بِهَا خَالِدٌ، وَاسْتَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ لُجَّةِ (?) البَحْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْتَلَّ، وَأَنْ يَنْسَحِبَ مِنْ وَسَطِ اللَّهَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْتَرِقَ، وَأَنْ يُسَجِّلَ لِلذَّكَاءَ العَرَبِيِّ الذِي هَذَّبَهُ الإِسْلَامُ، هَذِهِ المَنْقَبَةَ فِي تَارِيخِ الحُرُوبِ (?).
وَمِمَّا يُؤَكِّدُ مُبَاشَرَةَ المُسْلِمِينَ القِتَالَ قَبْلَ الِانْسِحَابِ، مَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ -وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ- عَنْ عَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- مِنَ الْمُسْلِمِينَ،