يَا أَخِي مَا قَدْ فَاتَكَ، وَقَدْ فَاتَتْكَ مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ.
قَالَ خَالِدٌ: فَلَمَّا جَاءَنِي كِتَابُهُ نَشَطْتُ لِلْخُرُوجِ، وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الإِسْلَامِ وَسُّرِّيَ (?) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنِّي فِي بِلَادٍ ضَيِّقَة جَدْبَةٍ، فَخَرَجْتُ إِلَى بِلَادٍ خَضْرَاءَ وَاسِعَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، قُلْتُ لَأَذْكُرَنَّهَا لِأَبِي بَكْرٍ (?) فَذَكَرْتُهَا، فَقَالَ: هُوَ مَخْرَجُكَ الذِي هَدَاكَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، وَالضِّيقُ الذِي كُنْتَ فِيهِ الشِّرْكُ.
فَلَمَّا أَجْمَعْتُ الخُرُوجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قُلْتُ مَنْ أُصَاحِبُ إِلَى مُحَمَّدٍ؟ ، فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بنَ أُمَيَّةَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا وَهْبٍ، أَمَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى العَرَبِ وَالعَجَمِ، فَلَوْ قَدِمْنَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَاتَّبَعْنَاهُ، فَإِنَّ شَرَفَ مُحَمَّدٍ لَنَا شَرَفٌ، فَأَبَى أَشَدَّ الإِبَاءِ، وَقَالَ لِي: لَوْ لَمْ يبقَ غَيْرِي مَا اتَّبعْتُهُ أَبَدًا. فَافْتَرَقْنَا، وَقُلْتُ: هَذَا رَجُلٌ قُتِلَ أَخُوهُ وَأَبُوهُ بِبَدْرٍ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ بنَ أَبِي جَهْلٍ، فَقُلْتُ له مِثْلَ مَا قُلْتُ لِصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَ لِي مِثْلَ مَا قَالَ صَفْوَانُ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى مَنْزِلي، فَأَمَرْتُ بِرَاحِلَتِي تُخْرَجُ، فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بنَ طَلْحَةَ، فَذَكَرْتُ له مَا صَارَ الأَمْرُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِي جُحْرٍ لَوْ صُبَّ فِيهِ ذَنُوبٌ (?) مِنْ مَاءٍ خَرَجَ، وَقُلْتُ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قُلْتُ لِصفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ