قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه-: فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُحِبُّونَ الفِدَاءَ، وَيَقُولُونَ: مَا نَصْنَعُ بِقَتْلِ هَذَا؟ (?).
فتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حَتَّى كَانَ مِنَ الغَدِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ ".
فَقَالَ ثُمَامَةُ: مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فترَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ ".
قَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَصْحَابِهِ: "أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ"، فَانْطَلَقَ ثُمَامَةُ إلى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ (?)، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ! وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟
فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ لَبَّى، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُلَبِّيًا مِنَ المُسْلِمِينَ، فَأَخَذَتْهُ قُرَيْشٌ، وَقَالُوا لَهُ: صَبَوْتَ يَا ثُمَامَةُ؟