ثَمَانِيَةُ بُرُدٍ (?)، وَإِلَيْهَا لَجَأَ يَهُودُ بَنِي قَيْنقاعَ وَالنَّضِيرِ بَعْدَ إِجْلَائِهِمْ مِنَ المَدِينَةِ -كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ- فَكَانَ لَا يَسْكُنُهَا إِلَّا يَهُودٌ.
تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِغَزْوِ خَيْبَرَ وَفتحِهَا، وَكَانَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، قَدْ وَعَدَ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الحُدَيْبِيَةِ بِفَتْحِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} (?)، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّجَهُّزِ لِغَزْوِ وَفَتْحِ خَيْبَرَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ عَادَتِهِ إِذَا أَرَادَ غَزْوًا وَرَّى (?) بِغَيْرِهِ، إِلَّا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ، وَغَزَوَةِ تَبُوكَ، أَمَّا غَزْوَةُ خَيْبَرَ فَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَهُ بِفَتْحِهَا، وَأَمَّا غَزْوَةُ تبوك، فَلأَنَّ المَسَافَةَ بعيدَةٌ جدًّا، وَلأنَّهَا كَانَتْ مَعَ أَعْظَم دَوْلَةٍ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ وَهِيَ الرُّومُ، فَلَابدَّ مِنْ أَخْذِ الِاسْتِعْدَادِ الكَامِلِ لَهَا.
وَلَمَّا تَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ يُرِيدُونَ