فِتْنَةٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وَبَيْنَ حُلَفَائِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهُوَ مِنْ نَمَطِ مَا رَاعَاهُ مِنْ تَرْكِ قَتْلِ المُنَافِقِينَ (?).
قَالَ ابنُ القَيِّمِ: وَمِنْ أَنْفَعِ عِلَاجَاتِ السِّحْرِ الأَدْوِيَةُ الإِلهِيَّةُ مِنَ الأَذْكَارِ، وَالآيَاتِ، وَالدَّعَوَاتِ، فَالقَلْبُ إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا مِنَ اللَّهِ مَغْمُورًا بِذِكْرِهِ، وَلَهُ مِنَ التَّوَجُّهَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَالأَذْكَارِ وَالتَّعَوُّذَاتِ وِرْدٌ لَا يُخِلُّ بِهِ يُطَابِقُ قَلْبَهُ وَلسَانَهُ، كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ التِي تَمْنَعُ إِصَابَةَ السِّحْرِ لَهُ، قَالَ: وَسُلْطَانُ تَأْثِيرِ السِّحْرِ هُوَ فِي القُلُوبِ الضَّعِيفَةِ، وَلهَذَا غَالِبُ مَا يُؤَثّر فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالجُهَّالِ؛ لِأَنَّ الأَرْوَاحَ الخَبِيثَةَ إِنَّمَا تَنْشَطُ عَلَى أَرْوَاحٍ تَلْقَاهَا مُسْتَعِدَّةً لِمَا يُنَاسِبُهَا (?).
وَقَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ، وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ -أَيْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ القَيِّمِ -رضي اللَّه عنه- حَدِيثُ البَابِ، وَجَوَازُ السِّحْرِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَعَ عَظِيمِ مَقَامِهِ وَصِدْقِ تَوَجُّهِهِ، وَمُلَازَمَةِ وِرْدِهِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الغَالِبِ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِبَيَانِ تَجْوِيزِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (?).
* * *