بَادَ وَبَادَ مَا فِي يَدَيْهِ". وَمَاتَ هَوْذَةُ بنُ عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ عِنْدَمَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ (?).
هَذِهِ هِيَ الكُتُبُ السِّتَّةُ التِي بَعَثَ بِهَا الرَّسُولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- رُسُلَهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنَ الهِجْرَةِ، وَقَدْ كتَبَ رَسُولُ اللَّهِ كتبًا أُخْرَى بَعَثَ بِهَا إِلَى مُلُوكِ عُمَانَ، وَالبَحْرَيْنِ، وَاليَمَنِ، سَنَذْكُرُهَا فِي حِينِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَيُلَاحَظُ عَلَى هَذِهِ الكُتُبِ الخِبْرَةُ الدَّقِيقَةُ بِنُفُوسِ مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، وَحُسْنُ تَخَيُّرِ الأَلْفَاظِ المُنَاسِبَةِ لِلْكُلِّ، وَالمُثِيرَةِ لِلْعَوَاطِفِ وَالمَشَاعِرِ، كَمَا يُلَاحَظُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ كَانَ رَدُّهُ رَدًّا جَمِيلًا رَقِيقًا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الإِسْلَامِ وَسَطْوَتِهِ، وَسَمَاحَةِ دَعْوَتِهِ، فَلَا تَعْقِيدَ فِيهَا وَلَا غُمُوضَ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ الذِينَ حَمَلُوا الكِتَابَ كَانُوا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِهِمْ، وَوَفَّوْا بِمَا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ مِنَ الإِقْدَامِ، كَمَا كَانَ عَجِيبًا أَنْ لَمْ يُقْتَلْ مِنَ الرُّسُلِ عَلَى كَثْرَتِهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العَالَمَ حِينَئِذٍ كَانَ يَسْتَشْرِفُ إِلَى دِينٍ جَدِيدٍ سَمْحٍ، يُنْقِذُهُ مِنَ الحَضِيضِ الذِي هَوَى إِلَيْهِ، فَكَانَ هَذَا الدِّينُ هُوَ الإِسْلَامُ (?).
* * *