وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى دَعْوَةَ نَبِيِّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَدْ مَزَّقَ اللَّهُ تَعَالَى مُلْكَ فَارِسٍ، وَسَقَطَتْ دَوْلَتُهُمْ فِي خِلَافَةِ الفَارُوقِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، وَمَلَكَهَا المُسْلِمُونَ، فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَفْتَحُنَّ كنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الفُرْسِ؛ لِأَنَّ آخِرَهُمْ قُتِلَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ -رضي اللَّه عنه-، وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ: بِأَنَّ المُرَادَ لَا يَبَقَى كِسْرَى بِالعِرَاقِ وَلَا قَيْصَرُ بِالشَّامِ، فَإِنَّ مُلْكَهُمَا زَالَ عَنِ الإِقْلِيمَيْنِ المَذْكُورَيْنِ، وَقِيلَ: الحِكْمَةُ فِي أَنَّ قَيْصَرَ بَقِيَ مُلْكُهُ وَإِنَّمَا ارْتَفَعَ مِنَ الشَّامِ وَمَا وَالَاهَا، وَكِسْرَى ذَهَبَ مُلْكُهُ أَصْلًا وَرَأْسًا أَنَّ قَيْصَرَ لَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبِلَهُ وَكَادَ أَنْ يُسْلِمَ، وَكِسْرَى لَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَزَّقه فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُمَزِّقَ مُلْكَهُ كُلَّ مُمَزَّقٍ فَكَانَ كَذَلِكَ (?).
وَرَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بنِ سَمُرَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ