وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ: أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ.
وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ، وَأَنَّ الحَرْبَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ.
وَسَأَلْتُكَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ.
فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارجٌ، وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ (?) لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ.
ثُمَّ دَعَا هِرَقْلُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إلى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إلى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ. سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمُ الأَرِيسِيِّينَ (?) و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ