الخُدْرِيِّ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الحُدَيْبِيَةِ قَالَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُوقِدُوا نَارًا بِلَيْلٍ"، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: "أَوْقِدُوا، وَاصْطَنِعُوا (?)، فَإِنَّهُ لَا يُدْرِكُ قَوْمٌ بَعْدَكُمْ صَاعَكُمْ وَلَا مُدَّكُمْ" (?).
فَهَذِهِ مَكَانَةُ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ الذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَحْتَهَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى في كِتَابِهِ الكَرِيمِ: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (?).
وَإِنَّنِي لَأُحَاوِلُ اليَوْمَ مِنْ وَرَاءَ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ أَنْ أَسْتَشْرِفَ تِلْكَ اللَّحْظَةَ القُدْسِيَّةَ التِي شَهِدَ فِيهَا الوُجُودُ كُلُّهُ ذَلِكَ التَّبْلِيغَ العُلْوِيَّ الكَرِيمَ مِنَ اللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ إِلَى رَسُولهِ الأَمِينِ عَنْ جَمَاعَةِ المُؤْمِنِينَ. . . أُحَاوِلُ أَنْ أَسْتَشْرِفَ صَفْحَةَ الوُجُودِ في تِلْكَ اللَّحْظَةِ وَضَمِيرَهُ المَكْنُونَ، وَهُوَ يَتَجَاوَبُ جَمِيعُهُ بِالقَوْلِ الإِلَهِيِّ الكَرِيمِ، عَنْ أُولَئِكَ الرِّجَالِ القَائِمِينَ إِذْ ذَاكَ في بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ هَذَا الوُجُودِ. . . وَأُحَاوِلُ أَنْ أَسْتَشْعِرَ بِالذَّاتِ شَيْئًا مِنْ حَالِ أُولَئِكَ السُّعَدَاءَ الذِينَ يَسْمَعُونَ بِآذَانِهِمْ، أَنَّهُمْ هُمْ، بِأَشْخَاصِهِمْ وَأَعْيَانِهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ عَنْهُمْ: لَقَدْ رَضِيَ