فَهُنَا اسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: "أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالهِمْ وَذَرَارِي هَؤُلَاءِ الذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَإلَّا تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ" (?).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي مُسْنَدٍ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَشِيرُوا عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الذِينَ أَعَانُوهُمْ -أَي الْأَحَابِيْشِ- فَنُصِيبُهُمْ، فَإِنْ قَعَدُوا، قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْرُوبِينَ، وَإِنْ يَجِيئُوا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللَّهُ، أَوْ ترَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟ " (?)
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ هَلْ يُخَالِفُ الذِينَ نَصَرُوا قُرَيْشًا إِلَى مَوَاضِعِهِمْ فَيَسْبِيَ أَهْلَهُمْ، فَإِنْ جَاؤُوا إِلَى نَصْرِهِمُ اشْتَغَلُوا بِهِمْ، وَانْفَرَدَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ بِقُرَيْشٍ، وَذَلِكَ الْمُرَادُ بِقَوْلهِ: "تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللَّهُ" (?).