وَامْتَنَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه-، وَقَالَ: مَا أَشْهَدُ، هَذَا يَدِينُ وَلَا مَالَ لَهُ، وَإِنَّمَا الْمَالُ لِأَبِيهِ.
فَقَالَ الْجُهَنِيُّ: وَاللَّهِ مَا كَانَ سَعْدٌ لِيُخْنِيَ (?) بِابْنِهِ، وَأَرَى وَجْهًا حَسَنًا وَفِعْلًا شَرِيفًا.
فَكَانَ بَيْنَ قَيْسٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَلَامٌ حَتَّى أَغْلَظَ لَهُ قَيْسٌ الْكَلَامَ، وَأَخَذَ قَيْسٌ الْجُزُرَ، فنَحَرَ لَهُمْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثَلَاثَ جَزَائِرَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ -رضي اللَّه عنه-.
وَعِنْدَمَا وَصَلُوا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، أَلَقْي اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي لَهُمْ حُوتًا مَيْتًا مِنَ الْبَحْرِ، مِثْلَ الظَّرِبِ (?)، يُقَالُ لَهُ: الْعَنْبَرُ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ، فَأَتَيْنَاهُ، فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ -رضي اللَّه عنه-: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، فَأَقَامُوا عَلَيْهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً يَأْكُلُونَ مِنْهُ حَتَّى سَمِنُوا وَصَحَّتْ أَجْسَامُهُمْ.