زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

فقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَنْظُرُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَتَّى أُحْدِثَ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَوْبَةً نَصُوحًا يَعْلَمُهَا اللَّهُ مِنْ نَفْسِي، ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ إِلَى الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، فَرَبَطَ نَفْسَهُ إِلَى سَارِيَةٍ (?) مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ -وَكَانَتْ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ-، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَالَ: لَا أَبْرَحُ (?) مَكَاني هَذَا حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ مِمَّا صَنَعْتُ، فنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?)، فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَبَرَهُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَبْطَأَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ جَاءَني لَاسْتَغْفَرْتُ لَهُ، فَأَمَّا إِذْ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَمَا أَنَا بِالذِي أُطْلِقُهُ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وَأَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ -رضي اللَّه عنه-، مَرْبُوطًا بِالْجِذْع سِتَّ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرَ، تَأْتِيهِ امْرَأَتُهُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ فتحِلُّهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيُرْبَطُ بِالْجِذْعِ، حَتَّى نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015