قُرَيْظَةَ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: إِنَّمَا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْإِسْرَاعَ، وَصَلُّوا الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا وَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا ذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (?).
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيُّهُمَا كَانَ أَصْوَبَ؟
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: الذِينَ أَخَّرُوهَا هُمُ الْمُصِيبُونَ وَلَوْ كُنَّا مَعَهُمْ، لَأَخَّرْنَاهَا كَمَا أَخَّرُوهَا، وَلَمَا صَلَّيْنَاهَا إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، وَتَرْكًا لْلتَّأْوِيلِ الْمُخَالِفِ لِلظَّاهِرِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنَ الْفُقَهَاءِ: بَلِ الذِينَ صَلُّوهَا فِي الطَّرِيقِ فِي وَقْتِهَا حَازُوا قَصَبَ السَّبْقِ (?)، وَكَانُوا أَسْعَدَ بِالْفَضِيلَتَيْنِ، فَإِنَّهُمْ بَادَرُوا إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي الْخُرُوجِ، وَبَادَرُوا إِلَى مَرْضَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ بَادَرُوا إِلَى اللَّحَاقِ بِالْقَوْمِ، فَحَازُوا فَضِيلَةَ الْجِهَادِ، وَفَضِيلَةَ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا، وَفَهِمُوا مَا يُرادُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا أَفْقَهَ مِنَ الْآخِرِينَ، وَلَاسِيَّمَا تِلْكَ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهَا كَانَتْ صَلَاةَ الْعَصْرِ، وَهِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ الذِي لَا مَدْفَعَ لَهُ وَلَا مَطْعَنَ فِيهِ (?)، وَمَجِيءُ السُّنَّةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهَا،