قَالَ حُذَيْفَةُ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ (?) لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَحَّلٍ، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي إِلَى رَحْلِهِ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْطِ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ وَإِنَّهُ لَفِيهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرتُهُ الْخَبَرَ (?)، وَسَمِعَتْ غَطفانُ بِمَا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ، فَانْشَمَرُوا إِلَى بِلَادِهِمْ (?).
فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَالْمُسْلِمُونَ، وَقَدْ فتَحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ، وَأَقَرَّ أَعْيُنَهُمْ بِجَلَاءِ الْأَحْزَابِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ" (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبوَّةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ فَصَدَّتْهُ قُرَيْشٌ عَنِ الْبَيْتِ، وَوَقَعَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ نَقَضُوهَا فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-.