يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا (?) وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} (?).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: وَلَوْلَا أَنْ جَعَلَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، لَكَانَتْ هَذِهِ الرِّيحُ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ مِنَ الرِّيحِ الْعَقِيمِ عَلَى عَادٍ، وَلَكِنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} (?) فَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ هَوَاءً فَرَّقَ شَمْلَهُمْ، كَمَا كَانَ سَبَبُ اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْهَوَى، وَهُمْ أَخْلَاطٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى، أَحْزَابٌ وَآرَاءٌ، فنَاسَبَ أَنْ يُرْسَلَ عَلَيْهِمُ الْهَوَاءُ الذِي فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ، وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ خَاسِرِينَ بِغَيْظِهِمْ وَخَنَقَهُمْ (?)، لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا لَا فِي الدُّنْيَا، مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الظَّفَرِ (?) وَالْمَغْنَمِ، وَلَا فِي الْآخِرَةِ بِمَا تَحَمَّلُوهُ مِنَ الْآثَامِ فِي مُبارَزَةِ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بِالْعَدَاوَةِ، وَهَمِّهِمْ بِقَتْلِهِ، وَاسْتِئْصَالِ جَيْشِهِ، وَمَنْ هَمَّ بِشَيْء، وَصَدَّقَ هَمَّهُ بِفِعْلِهِ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كَفَاعِلِهِ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015