الشِّدَّةِ هُوَ مَوْقِفُ إِخْوَانِهِمْ هَؤُلَاءِ، فَهُمْ نَمُوذَجٌ مُكَرَّرٌ فِي الْأَجْيَالِ وَالْجَمَاعَاتِ عَلَى مَدَارِ الزَّمَانِ (?).
أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَإِنَّهُ لَمَّا رَأَى مَا فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْكَرْبِ جَعَلَ يُبَشِّرُهُمْ وَيَقُولُ لَهُمْ: "وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَيُفَرَّجَنَّ عَنْكُمْ مَا تَرَوْنَ مِنَ الشِّدَّةِ، وِإنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ آمِنًا، وَأَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ، وَلَيُهْلِكَنَّ اللَّهُ كسْرَى وَقَيْصَرُ، وَلَتُنْفَقَنَّ كنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَ" (?).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَبْعَثُ سَلَمَةَ بْنَ أَسْلَمَ -رضي اللَّه عنه- فِي مِائتَيْ رَجُلٍ، وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ -رضي اللَّه عنه- فِي ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ يَحْرُسُونَ الْمَدِينَةَ، وَيُظْهِرُونَ التَّكْبِيرَ، تَخَوُّفًا عَلَى الذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ أَهْلُ الْآطَامِ (?) مَا كَانُوا يَنَامُونَ إِلَّا عُقَبًا (?) خَوْفًا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ (?).