السَّعْدَانِ وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالُوا: عَضْلٌ وَالْقَارَةُ -أَيْ كَغَدْرِ قَبِيلَةِ عَضْلٍ، وَقَبِيلَةِ القارَةِ بِأَصْحَابِ الرَّجِيعِ خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُ أَكبَرُ، أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ"، ثُمَّ تَقَنَّعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِثَوْبِهِ فَاضْطَجَعَ وَمَكَثَ طَوِيلًا، فَاشْتَدَّ عَلَى النَّاسِ الْبَلَاءُ وَالْخَوْفُ حِينَ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- اضْطَجَعَ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ لَمْ يَأتِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ خَيْرٌ، ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "أَبْشِرُوا بِفَتْحِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ" (?).
وَعَظُمَ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَلَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ، وَضَاقَ الْأَمْرُ وَخِيفَ عَلَى الذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ، وَأَتَاهُمْ الْأَحْزَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ، وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، حَتَّى ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ظَنٍّ، وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} (?).
وَهَذَا الْمَقْطُعُ مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ يَتَوَلَّى تَشْرِيحَ حَدَثٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الضَّخْمَةِ فِي تَارِيخِ الدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَفِي تَارِيخِ الْجَمَاعَةِ الْمسْلِمَةِ، وَيَصِفُ مَوْقِفًا مِنْ مَوَاقِفِ الامْتِحَانِ الْعَسِيرَةِ، وَهُوَ غَزْوَةُ الْأَحْزَابِ. . . وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا النَّصَ