وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ الْخَنْدَقَ حَوْلَ المَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ -رضي اللَّه عنه-: . . . يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفَّيْ مِنَ الشَّعِيرِ فيصْنَعُ (?) لَهُمْ بِإِهَالَةٍ (?) سَنِخَةٍ (?) تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ الْقوْمِ، وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ، وَهِيَ بَشِعَةٌ (?) فِي الْخَلْقِ، وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ (?).
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الرُّغْمِ مِنَ الْهَوْلِ الْمُرْعِبِ وَالضِّيقِ الْمُجْهِدِ، مَثَابَةَ الْأَمَانِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَمَصْدَرَ الثِّقَةِ وَالرَّجَاءِ وَالِاطْمِئْنَانِ، وَإِنَّ دِرَاسَةَ مَوْقِفِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي هَذَا الْحَادِثِ الضَّخْمِ لَمِمَّا يَرْسَمُ لِقَادَةِ الْجَمَاعَاتِ وَالْحَرَكَاتِ طَرِيقَهُمْ، وَفِيهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ، وَتَطْلُبُ نَفْسُهُ الْقُدْوَةَ الطَّيِّبَةَ، وَيَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا يَنْسَاهُ (?).
أَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَقَدْ كَانُوا يَتَأَخَّرُونَ فِي الْعَمَلِ، وَيُثَبِّطُونَ عَزَائِمَ الْمُسْلِمِينَ