سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنَاجُ (?) الْأَمْرِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، فَاتَّجَهُوا نَحْوَ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيعَادٍ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ (?).
وَقَبْلَ خُرُوجِ الْأَحْزَابِ وَتَوَجُّهِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ خُزَاعَةَ الْمَدِينَةَ وَأَخْبَرُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمْرَ الْأَحْزَابِ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْأَحْزَابُ مِنَ الْأَمْرِ، دَعَا النَّاسَ وَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُمْ، وَشَاوَرَهُمْ فِي أَمْرِهِمْ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ -رضي اللَّه عنه- بِحَفْرِ الخَنْدَقِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ يَوْمَئِذٍ حُرٌّ (?)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا بِفَارِسَ إِذَا حُوصِرْنَا خَنْدَقْنَا عَلَيْنَا، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وَكَانَتْ خُطَّةً حَكِيمَةً لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُهَا الْعَرَبُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَبَادَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى تَنْفِيذِ هَذِهِ الخُطَّةِ، فَأَمَرَ بِحَفْرِ الخَنْدَقِ مِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ -وَهِيَ عَوْرَةُ الْمَدِينَةِ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُهَاجِمُونَ نَفَاذًا إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَّا مِنْهَا- بَيْنَ حَرَّتَيِّ (?) وَاقِمٍ وَالْوَبْرَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مُشَبَّكَةً بِالْبُنْيَانِ وَمُحَاطَةً