كَانَتْ في رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنَ السَّنَةِ الخَامِسَةِ لِلْهِجْرَةِ، وَسَبَبُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَلَغَهُ أَنَّ بِدُومَةِ الجَنْدَلِ جَمْعًا كَثِيرًا مِنَ القَبَائِلِ، وَأَنَّهُمْ يَظْلِمُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ، وَيَنْهَبُونَ مَا مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَدْنُوا مِنَ المَدِينَةِ لِمُهَاجَمَتِهَا.
فَنَدَبَ (?) رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّاسَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى المَدِينَةِ سِبَاعَ بنَ عُرْفُطَةَ الغِفَارِيَّ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في أَلْفٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَكَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْلَ، وَيَكْمُنُونَ (?) النَّهَارَ، وَمَعَهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- دَلِيلٌ لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ: (مَذْكُورٌ)، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ دُومَةِ الجَنْدَلِ، هَجَمُوا عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَرُعَاتِهِمْ، فَأَصَابُوا مَا أَصَابُوا مِنْهُمْ، وَهَرَبَ مَنْ هَرَبَ في كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمَّا عَلِمَ أَهْلُ دُومَةِ الجَنْدَلِ تَفَرَّقُوا، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِسَاحَتِهِمْ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا وَبَثَّ السَّرَايَا وَفَرَقَهَا، فَرَجَعَتْ وَلَمْ تُصِبْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأُخِذَ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ