وَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قنتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَهْرًا مُتَتَابِعًا في الظُّهْرِ، وَالعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ، وَالعِشَاءَ، وَالصُّبْحِ، في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ، يَدْعُو عَلَيْهِمْ، عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وعُصَيَّةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إلى الإِسْلَامِ، فَقَتَلُوهُمْ (?).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ: وَظَهَرَ لِي أَنَّ الحِكْمَةَ في جَعْلِ قنوتِ النَّازِلَةِ في الِاعْتِدَالِ دُونَ السُّجُودِ مَعَ أَنَّ السُّجُودَ مَظِنَّةُ الإِجَابَةِ، كَمَا ثَبَتَ "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ" (?)، وثُبُوتُ الأَمْرِ بِالدُّعَاءَ فِيهِ أَنَّ المَطْلُوبَ مِنْ قُنُوتِ النَّازِلَةِ أَنْ يُشَارِكَ المَأْمُومُ الإِمَامَ في الدُّعَاءِ وَلَوْ بِالتَّأْمِينِ، وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجْهَرُ بِهِ، بِخِلَافِ القُنُوتِ في الصُّبْحِ، فَاخْتُلِفَ في مَحَلِّهِ وَفِي الجَهْرِ بِهِ (?).