بَغْيُهُمْ، وَطُغْيَانُهُمْ، ومُبَالَغَتُهُمْ في أَذَى أَوْليَائِهِ، وَمُحَارَبَتِهِمْ، وَقِتَالِهِمْ، والتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمْ، فَيَتَمَحَّصُ بِذَلِكَ أَوْليَاؤُهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَعُيُوبِهِمْ، ويَزْدَادُ بِذَلِكَ أَعْدَاؤُهُ مِنْ أَسْبَابِ مَحْقِهِمْ وَهَلَاكِهِمْ. وَقَدْ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ في قَوْلِهِ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} (?).
فَجَمَعَ لَهُمْ في هَذَا الخِطَابِ بَيْنَ تَشْجِيعِهِمْ وَتَقْوِيَةِ نُفُوسِهِمْ، وَإِحْيَاءِ عَزَائِمِهِمْ وَهِمَمِهِمْ، وبَيْنَ حُسْنِ التَّسْلِيَةِ.
11 - وَمِنْهَا أَنَّ وَقْعَةَ أُحُدٍ كَانَتْ مُقَدِّمَةً وَإِرْهَاصًا بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَثَبَّتَهُمْ، وَوَبَّخَهُمْ عَلَى انْقِلَابِهِمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ أَنْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَوْ قُتِلَ، بَلِ الوَاجِبُ لَهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى دينِهِ وتَوْحِيدِهِ، ويَمُوتُوا عَلَيْهِ، أَوْ يُقْتَلُوا، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَ رَبَّ مُحَمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، فَلَوْ مَاتَ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْ قُتِلَ، لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصْرِفَهُمْ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ، فكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ، وَمَا بُعِثَ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيُخَلَّدَ لَا هُوَ وَلَا هُمْ، بَلْ لِيَمُوتُوا عَلَى الإِسْلَامِ وَالتَّوْحِيدِ، فَإِنَّ المَوْتَ لابُدَّ مِنْهُ، سَوَاءً مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَوْ بَقِيَ (?).