قَالَ: مَنِ الشَّيْخُ؟ قَالُوا: ابْنُ عُمَرَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ أَتُحَدِّثُنِي؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا البَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ . . . فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ (?).
أَمَّا الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: فَصَارُوا حَيَارَى لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُتِل، فَصَارَ غَايَةُ الوَاحِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَذُبَّ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ يَسْتَمِرَّ عَلَى بَصِيرَتِهِ في القِتَالِ إِلَى أَنْ يُقْتَلَ، وَهُمْ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ تَرَاجَعَتْ هَذِهِ الفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ إِلَى الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- شَيْئًا فَشَيْئًا لَمَّا عَرَفُوا أَنَّ الرَّسُولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَيٌّ (?).
فَمَرَّ أَنَسُ بنُ النَّضْرِ -رضي اللَّه عنه- عَمُّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رضي اللَّه عنه- عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ، مِمَّنْ أَذْهَلَتْهُمُ الشَّائِعَةُ -وَهِيَ قتلُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَلقَوْا بِسِلَاحِهِمْ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟
قَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: فَمَاذَا تَصْنَعُونَ بِالحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ ثُمَّ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءَ -يَعْنِي أَصْحَابَهُ- وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءَ -يَعْنِي المُشْرِكِينَ- ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَلَقِيَهُ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ -رضي اللَّه عنه- مُنْهَزِمًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟