-صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَني أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ في نَفْسِكَ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ، فَلَمْ أَرْجعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجعَ إِلَيْكَ شَيْئًا لَمَّا عَرَضْتَ عَلَيَّ إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَذْكُرُهَا، وَلَمْ أَكُنْ أُفْشِي سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَلَوْ ترَكَهَا لَنَكَحْتُهَا (?).
قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ:
1 - فِيهِ أَنَّهُ لَوْلَا هَذَا العُذْرُ -وَهُوَ ذِكْرُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِحَفْصَةَ- لَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه-، فيسْتَفَادُ مِنْهُ عُذْرُ أَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- في كَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عُثْمَانُ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ.
2 - وَفِيهِ فَضْلُ كِتْمَانِ السِّرِّ، فَإِذَا أَظْهَرَهُ صَاحِبُهُ ارْتَفَعَ الحَرَجُ عَمَّنْ سَمِعَهُ.
3 - وَفِيهِ عِتَابُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ، وَعَتَبُهُ عَلَيْهِ وَاعْتِذَارُهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ جُبِلَتِ الطِّبَاعُ البَشَرِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ كِتْمَانِ أَبِي بَكْرٍ ذَلِكَ أنَّهُ خَشِيَ أَنْ يبدُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ حَفْصَةَ، فَيَقَعُ في قَلْبِ عُمَرَ