فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ بَابَهُ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إِلَى سَلَّام بنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَضَيَّفَهُ وَسَقَاهُ خَمْرًا، وَأَخْبَرَهُ مِنْ أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً مِنَ المَدِينَةِ، يُقَالُ لَهَا: العُرَيْضُ (?)، فَحَرَّقُوا فِي أَصْوَارٍ (?) مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا، فَقَتَلُوهُمَا، ثُمَّ وَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ يَطْلُبُهُمْ فِي مِائَتَيْنِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى المَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بَشِيرَ بنَ عَبْدِ المُنْذِرِ -رضي اللَّه عنه-، فَجَعَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ يُلْقُونَ جُرَبَ (?) السَّوِيقَ، وَهِيَ عَامَّةُ أَزْوَادِهِمْ، يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا لِلنَّجَاءِ، حَتَّى بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَرْقَرَةَ (?) الكُدْرِ (?)، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى المَدِينَةِ، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَتْ غَيْبَةُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-