قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ النَّدْوِيِّ: وَعَادَى الإِسْلَامُ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ، وَفِي السِّيَادَةِ طَمَعٌ، وَضَاقَ ذَرْعًا بِهَذَا الدِّينِ الزَّاحِفِ، الذِي هَدَمَ كُلَّ مَا بَنَاهُ، وَنَقَضَ كُلَّ مَا أَبْرَمَهُ، وَجَعَلَ لِلْمَدِينَةِ شَأْنًا غَيْرَ الشَّأْنِ، وَمِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ أُمَّةً وَاحِدَةً، أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَبَذَلَتْ نُفُوسَهَا دُونَ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَقَدَّمَتْ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّةِ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ وَالأَزْوَاجِ، فَامْتَلَأَتْ قُلُوبُ هَؤُلَاءِ المُنَافِقِينَ غَيْظًا وَحَسَدًا، فَصَارُوا يَكِيدُونَ لِلْإِسْلَامِ، وَيَتَرَبَّصُونَ بِهِ الدَّوَائِرَ، وَيُقَلِّبُونَ لَهُ الأُمُورَ، وَتَكَوَّنَتْ فِي المَدِينَةِ جَبْهَةٌ مُعَادِيَةٌ، مُتَسَرِّبَةٌ فِي المُجْتَمَعِ الإِسْلَامِيِّ، وَكَانَ عَلَى المُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونُوا مِنْهَا عَلَى حَذَرٍ دَائِمًا، فَقَدْ تَكُونُ أَشَدَّ خَطَرًا عَلَى الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ مِنَ الأَعْدَاءِ المُجَاهِرِينَ، وَمِنْ هُنَا زَخَرَ (?) القُرْآنُ بِذِكْرِهِمْ، وَإِزَاحَةِ السِّتَارِ عَنْهُمْ، وَكَانَ لَهُمْ مَعَ الإِسْلَامِ، وَلِلْإِسْلَامِ مَعَهُمْ شَأْنٌ (?).
* * *