ثُمَّ قَالَ عُمَيْرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ جَاهِدًا عَلَى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ، شَدِيدَ الأَذَى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي، فَأَقْدِمَ مَكَّةَ، فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى رَسُولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَإِلَى الإِسْلَامِ، لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهِمْ، وَإِلَّا آذَيْتُهُمْ فِي دِينِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُوذِي أَصْحَابَكَ فِي دِينِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَحِقَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ حِينَ خَرَجَ عُمَيْرٌ، يَقُولُ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأْتِيكُمُ الآنَ فِي أَيَّامٍ، تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ، وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانَ، حَتَّى قَدِمَ رَاكِبٌ فَأَخْبَرَهُ عَنْ إِسْلَامِ عُمَيْرِ بنِ وَهْبٍ، فَحَلَفَ صَفْوَانُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ عُمَيْرًا أَبَدًا، وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا.
فَلَمَّا قَدِمَ عُمَيْرٌ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا يَدْعُو إِلَى الإِسْلَامِ، وَيُؤْذِي مَنْ خَالفَهُ أَذًى شَدِيدًا، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ نَاسٌ كَثِيرٌ (?).
قُلْتُ: وَقَدْ أَسْلَمَ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الأَسْرَى عَلَى فتَرَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَبَعْدَهَا.
وَلَمَّا بَلَغَ النَّجَاشِيَّ نَصْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِبَدْرٍ، فَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا، فَقَدْ