-رضي اللَّه عنه- أَنَّ رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا (?) عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَالَ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا" (?).
قَالَ الحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَالحِكْمَةُ فِي أَنَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمْ يُعْفِ العَبَّاسَ مِنَ الفِدَاءَ؛ لِأنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ مُحَابَاةً له؛ لِكَوْنِهِ عَمَّهُ لَا لِكَوْنِهِ قَرِيبَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ فَقَطْ، وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ القَرِيبَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَظَاهَرَ بِمَا يُؤْذِي قَرِيبَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي البَاطِنِ يَكْرَهُ مَا يُؤْذِيهِ، فَفِي تَرْكِ قَبُولِ مَا يَتَبَرَّعُ لَهُ الأَنْصَارُ بِهِ مِنَ الفِدَاءَ تَأْدِيبٌ لِمَنْ يَقَعُ له مِثْلُ ذَلِكَ (?).
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (?).