فَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إِنَابَةِ نَبِيٍّ، وَإِلْحَاحِ عَبْدٍ، وَدُعَاءِ مُضْطَرٍّ، وَشَفِعَ لِهَذِهِ العِصَابَةِ فِي كَلِمَاتٍ صَرِيحَةٍ وَاضِحَةٍ، نيَرةٍ خَالِدَةٍ، هِيَ خَيْرُ تَعْرِيفٍ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، وَبَيَان لِمَهَمَّتِهَا وَغَرَضِهَا الذِي خُلِقَتْ لَهُ. . . فَكَأَنَّمَا كَانَ بَقَاءُ المُسْلِمِينَ مَشْرُوطًا بِقِيَامِ حَيَاةِ العُبُودِيَّةِ بِهِمْ، وَقِيَامِهِمْ بِهَا، فَلَوِ انْقَطَعَتِ الصِّلَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ العِبَادَةِ، وَرَوَاجِهَا وَازْدِهَارِهَا فِي العَالَمِ، انْقَطَعَتِ الصِّلَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الحَيَاةِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى اللَّهِ لَهُمْ حَقٌّ وَذِمَّةٌ، وَأَصْبَحُوا كَسَائِرِ الأُمَمِ خَاضِعِينَ لِنَوَامِيسِ الحَيَاةِ، وَسُنَنِ الكَوْنِ، بَلْ كَانُوا أَشَدَّ جَرِيمَةً، وَأَقَلَّ قِيمَةً مِنَ الأُمَمِ الأُخْرَى، إِذْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِبَقَائِهَا وَحَيَاتِهَا مِثْلَ مَا اشْتَرَطَ لَهُمْ، وَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} (?).
وَأَخْرَجَ الحَاكِمُ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ، ثُمَّ جِئْتُ مُسْرِعًا لِأَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، مَا فَعَلَ؟ ، فَجِئْتُ فَأَجِدُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ"، لَا يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى القِتَالِ، ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى القِتَالِ، ثُمَّ