وَيَتَفَقَّدُ صِحَّةَ الأَسَانِيدِ وَسَقَمَهَا .. مِثْلَ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَيَحْيى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيِّ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فتَّشُوا عَنْ مَوْضِعِ السَّمَاعِ فِي الأَسَانِيدِ كَمَا ادَّعَاهُ الَّذِي وَصَفْنَا قَوْلَهُ مِنْ قَبْلُ، وإنَّمَا كَانَ تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ مِنْهُمْ سَمَاعَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ويَستدِلُّ بها، فالسين والتاء فيه زائدتان؛ أي: ممَّن يبحث عن صحة العمل بالأخبار لصحتها وعدمها لضَعْفِها (وَيَتَفَقَّدُ) أي: ومِمَّن يُفتِّشُ ويبحث (صِحَّةَ الأسانيد) أي: يبحث عن صحتها بسلامتها من العلل والانقطاع والإرسالِ (وسَقَمَها) أي: عن ضَعْفِها بعدم سلامتها من ذلك، يعني بهم أئمةَ الجَرْح والتعديل (مِثْلَ أيوبَ) بن أبي تميمة (السَّخْتِيَانِيِّ و) وعبدِ الله (ابنِ عَوْنٍ ومالكِ بنِ أَنَسً) الإمامِ الأعظم (وشُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ) العتكيِّ -وهو أوَّلُ من ابتكر في فن الجَرْح والتعديل- (ويحيى بنِ سعيدٍ القَطَّان وعبدِ الرحمنِ بنِ مَهْدِيٍّ ومَنْ بعدَهم مِنْ أَهْلِ الحديثِ) وأئمّةِ الجَرْحِ والتعديل كالثَّوْرِيِّ والأوزاعيِّ وابنِ المديني وابنِ سَعْدٍ وابنِ مَعِينٍ والنَّسائيِّ والعِجْلِى والسَّاجيِّ.

وقوله: (فَتَّشُوا) وبَحَثُوا مفعولٌ ثانٍ لقوله: (وما عَلِمْنا) أي: وما عَلِمْنا أحدًا من أئمّةِ السلف أهلِ الجَرْح والتعديل كهؤلاء المذكورين آنفا فتَّشُوا وبَحَثُوا (عن مَوْضِعِ السَّمَاعِ) ووجُودِه (في) كُل (الأسانيد) سواء كان الراوي مُدَلِّسًا أم لا.

والكافُ في قوله: (كما ادَّعَاهُ الذي وَصَفْنا قولَه مِنْ قَبْلُ) صفةٌ لمصدر محذوفٍ، و (ما) موصولة بدليل ذِكْرِ العائد في قوله: (ادَّعَاهُ)، والموصولُ فاعلُ (ادَّعَاهُ)، والتقديرُ: وما عَلِمْنا أحدًا من علماء السلف فتَّشُوا عن موضع السماعِ في كُل الأسانيدِ تفتيشا مِثْلَ التفتيش الذي ادَّعاهُ وشَرَطَهُ هذا الزاعمُ الذي وَصَفْنا وذكَرْنَا قوله من قبل هذا المقام من أول الباب إلى هنا.

(وإنّما كان تَفَقُّدُ مَنْ تَفَقَّدَ) أي: طَلَبُ منْ طَلَبَ (منهم) أي: من أئمة السلف واشتراطُ مَنْ شَرَطَ منهم (سَمَاعَ) كُل راوٍ مِنْ (رُوَاةِ الحديثِ مِمَّنْ رَوَى عنهم) أي: ممَّنْ رَوَى عنه من الرواة، ولعلَّ الصوابَ: (مِمَّنْ رَوَوْا عنهم)؛ لأن مرجعَ ضمير الفاعل جمعٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015