وَرَوَى هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ .. يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَأنَا حَائِضٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عروة، لا مُرْسلًا كما في الطريقة الأولى، فالإسنادُ في حالة النشاط والإرسالُ في غيرها من دأبِ المحدِّثين وأئمَّةِ أهلِ العلم، فلا يَقْتَضِي ضَعْفَ الحديث وعدم الاحتجاج به (?).
(وَرَوَى هشامُ) بن عروة (عن أبيه) عروة (عن عائشةَ) مُرْسلًا (قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكفَ) ولبث في المسجد بنيه العبادة ( .. يُدْنِي) ويُقَرِّبُ من طاقة المسجد وهو في المسجد (إليَّ رأسَه) وأنا في حجرتي لأُرَجِّل شَعَره (فأُرَجِّلُه) أي: فَأُرَجِّلُ شَعَرَه وأسَرِّحُه (وأنا حائضٌ) أي: والحالُ أني غيرُ طاهرٍ، فأَرْسَلَ هشامٌ بإسقاط عمرة بين عروة وعائشة.
قال النووي: (وفي هذا الحديث جُمَلٌ من العِلْم:
منها: أن أعضاءَ الحائضِ طاهرةٌ، وهذا مُجْمَعٌ عليه، ولا يَصِحُّ ما حُكِيَ عن أبي يوسف من نجاسة يدها.
وفيه: جوازُ ترجيل المعتكف شَعَرَه، ونَظَرُهُ إلى امرأته، ولمسها شيئًا منه بغير شهوةٍ منه.
واستدلَّ بهذا الحديث أصحابُنا وغيرُهم على أن الحائضَ لا تدخل المسجد، وأنَّ الاعتكافَ لا يكونُ إلا في المسجد، ولا يظهر فيه دلالةٌ لواحدِ منهما؛ فإنه لا شكَّ في كون هذا هو المحبوبَ، وليس في هذا الحديث أكثرُ من هذا، فأمَّا الاشتراطُ والتحريمُ في حقِّها .. فليس فيه، لكنْ لذلك دلائلُ، أُخَرُ مقرَّرَةٌ في كتب الفقه.
واحْتَجَّ القاضي عِيَاضٌ (?) رحمه الله تعالى به على أن قليلَ الملامسة لا تَنْقُضُ الوضوءَ ورَدَّ به على الشافعي، وهذا الاستدلالُ منه عَجَبٌ، وأيُّ دلالة فيه لهذا؟ ! وأين في هذا الحديث أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لمس بشرة عائشة رضي الله عنها