فَيُقَالُ لَهُ: فَإنْ كَانَتِ الْعِلَّةُ فِي تَضْعِيفِكَ الْخَبَرَ وَتَرْكِكَ الاحْتِجَاجَ بِهِ إِمْكَانَ الإِرْسَالِ فِيهِ .. لَزِمَكَ أَنْ لَا تُثْبِتَ إِسْنَادا مُعَنْعَنًا حَتى تَرَى فِيهِ السَّمَاعَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِه.
وَذلِكَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ عَلَينَا بِإِسْنَادِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قُلتُ: (وفي جَعْلِهم قولَ عائشة هذا من باب المرسل نظرٌ؛ لاحتمال أن تكون سمعته من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ويترجَّحُ ذلك؛ إذ لا مانع منه فلا يكون مرسلًا كغيره، وقد يُجاب بأنَّ مرادهم: أنه في حكم المرسل لمَّا لم يتحقق سماعها له من النبي صلى الله عليه وسلم بناءً على التمسُّك بالأقلِّ وأنَّ الاتصال لا يثبت إلا باليقين وما يَقْرُبُ منه) اهـ سنوسي مع زيادة من "الباكورة".
(فيُقَالُ له) أي: لهذا الزاعم: (فإنْ كانت العِلَّةُ) والسببُ (في تَضْعِيفِكَ) وتسقيمك (الخَبَرَ) والحديثَ المعنعن (و) في (تَرْكِكَ الاحتجاجَ) والاستدلال (بهِ) أي: بالحديثِ المعنعنِ (إمْكَانَ الإِرْسَالِ) والانقطاعِ (فيه) أي: في الحديث ( .. لَزِمَكَ) أيها الزاعمُ: جوابُ (إِنْ) الشرطية في قوله: (فإنْ كانت العِلَّةُ) أي: لَزِمَك بمقتضى هذه العلّة (أَنْ لا تُثْبتَ) ولا تَقْبَلَ (إسنادًا مُعَنْعَنًا) أي: إسنادًا فيه (عن فُلان عن فُلان)، وجملةُ أن المصدرية مع ما في حيِّزها في تأويلِ مصدرٍ مرفوعٍ على الفاعلية لـ (لَزِمَكَ) أي: فإنْ كانت العِلَّةُ في تضعيفك الخبرَ وعدم قبوله إمكان الإرسال فيه .. لَزِمَك عدم إثباتك إسنادًا معنعنًا وعدمُ قبوله (حتى تَرَى) وتعلمَ (فيه) أي: في الإسنادِ المعنعنِ (الشمَاعَ) أي: سماعَ كُل راو من رجاله عَمَّنْ رَوَى عنه (مِنْ أَوَّلِهِ) أي: من طرفي الأول، وهو الذي يلينا (إلى آخرِهِ) أي: إلى طرفه الآخر، وهو الذي يلي الصحابيَّ، ولَزِمَك أيضًا تضعيفُ الأحاديثِ الصحيحةِ المشهورةِ.
(وذلك) اللُّزومُ في الموضعين (أَنَّ الحديثَ) المعنعنَ (الوَارِدَ علينا) أي: الواصلَ إلينا (بإسنادِ هشامِ بنِ عُرْوَةَ) بنِ الزبَير بنِ العَوَّام (عن أبيه) عروةَ (عن عائشة) أُمِّ المؤمنين رضي الله تعالى عنها.