لِأَدْنَى شَيءٍ .. ثَبَتَ عِنْدِي بِذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَرْوي عَنْهُ بَعْدُ، فَإنْ عَزَبَ عَنِّي مَعْرِفَةُ ذَلِكَ .. أَوْقَفْتُ الْخَبَرَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدِي مَوْضِعَ حُجَّةٍ لإِمْكَانِ الإِرْسَالِ فِيهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

رَوَى له (لأَدْنَى شيءٍ) من الحديث وأَقَلِّهِ مشافهةً؛ أي: اطَّلعتُ على سماعه منه مشافهةً لشيءٍ قليلٍ من الحديث.

وقولُه: (ثَبَتَ عندي بذلك) جواب إذا، وفي بعض النُّسَخ: (ثَبَتَ عنه عندي) بزيادة (عنه)، وهي تحريف من النسَّاخ؛ أي: قُبل عندي بسبب سماعه منه أدنى شيءٍ من الحديث (جميعُ ما يَرْوي) ذلك الراوي الذي ثبت له سماعُه لأدنى شيءٍ (عنه) أي: عن صاحبه الذي ثَبَتَ سماعُه منه لأدنى شيءٍ فيما (بَعْدُ) متعلِّقٌ بَـ (يرِوي) أي: جميعُ ما يَرْوي عنه بعد ذلك الأدنى الذي ثَبَتَ سماعه منه.

(فإنْ عَزَبَ) وبَعُدَ (عنّي) ولم يَحْصُلْ لي (معرفةُ ذلك) أي: معرفة سماعه منه لأدنى شيءٍ من الحديث ( .. أَوْقَفْتُ الخَبَر) أي: حَكَمْتُ بكون ذلك الخبر الذي حَدَّثه من لم يَثْبُتْ سماعُه لأدنى شيءٍ موقوفًا على راويه لا متصلًا (ولم يَكُنْ) ذلك الخبرُ (عندي مَوْضِعَ حُجَّةٍ) أي: موضع احتجاجٍ واستدلالٍ به (لإِمْكَانِ الإِرْسَالِ) والانقطاع (فيه) أي: في ذلك الخبر الذي رواه مَنْ لم يَثْبُتْ سماعُه لأدنى شيء.

قال النووي: (قولُه: "فإنْ عَزَب عني معرفةُ ذلك أَوْقَفْتُ الخَبَر" يُقال: عَزَب الشيءُ عنّي بفتح الزاي، يَعْزِبُ بكسرها وَيعْزُب بضمّها -من بابَي ضَرَب ونَصَر- لغتان فصيحتان قُرئ بهما في السبع، والضمُّ أكثرُ وأشهرُ، ومعناه: ذهب، وقوله: "أَوْقَفْتُ الخَبَر"، كذا هو في الأُصول "أَوْقَفْتُ"، وهي لُغَةٌ قليلة، والفصيحُ المشهورُ: وَقَفْتُ بغير ألف.

وقال أيضًا: قولُه: "والمُرْسَلُ في أصلِ قولنا وقولِ أهل العلم بالأَخْبَارِ ليس بُحَجَّةٍ" هذا الذي قاله هو المعروفُ من مذاهب المحدِّثين، وهو قولُ الشافعي وجماعة من الفقهاء، وذهب مالكٌ وأبو حنيفة وأحمدُ وأكثرُ الفقهاء إلى جواز الاحتجاج بالمرسل) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015