وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرضُ كُلُّها مَسْجِدًا. وَجُعِلَتْ تُربَتُها لَنَا طَهُورًا، إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ". وَذَكَرَ خصلَةً أُخْرَى

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لبعض اهـ مناوي، وثانيتها ما ذكره بقوله (وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا) أي موضع صلاة، قال القرطبي: هذا العموم وإن كان مؤكدًا فهو مخصص بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مواطن الإبل "أي مباركها حول الماء" كما جاء في الصحيح وبما جاء في كتاب الترمذي من حديث ابن عمر "أن رسول الله صلى الله عليه وسأنهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة (الموضع الذي ينحر فيه الإبل ويذبح فيه البقر والشاء) وقارعة الطريق والمقبرة وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله تعالى" رواه الترمذي [346] وابن ماجه [746] من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد كره مالك الصلاة في هذه المواضع وأباحها فيها غيره ولم يصح هذا الحديث عنده واعتضد قائل الإباحة بأن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لا ينقص منها شيء ذلك أن من فضائله وخصائصه أن جعل الأرض كلها مسجدًا فلو خصص منها شيء لكان نقصًا في فضيلته وما خصص به قاله أبو عمر بن عبد البر، والصحيح ما صار إليه مالك من كراهة الصلاة في تلك المواضع لا تمسكًا بالحديث فإنه ضعيف لكن تمسكًا بالمعنى وقد ذكرت علل الكراهة في كتب أصحابه فلتنظر هناك.

ويحتج على أبي عمر بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل وفي القبور فإن الحديث في ذلك صحيح، وتمنع الصلاة في المواضع النجسة فإن قال ذلك للنجاسة العارضة قلنا وكذلك كراهة الصلاة في تلك المواضع لعللٍ عارضة والله تعالى أعلم اهـ.

(وجعلت تربتها لنا طهورًا) في التيمم (إذا لم نجد الماء) قال القاضي: ذكر التراب دون غيره من أجزاء الأرض بعد ذكر الأرض مسجدًا يتمسك به المخالف في قصر التيمم على التراب دون غيره من أجزاء الأرض فإن لم نقل بدليل الخطاب فلا حجة فيه، وإن قلنا به فلشيوخنا عن ذلك أجوبة؛ منها: أنها زيادة تفرد بها أبو مالك الراوي، ومنها أن من تراب الأرض الزرنيخ والشب والسبخة كل ذلك يسمى ترابًا لأنه ترابها، ومنها أنه خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، ومنها أن ذكر الاسم لا يدل على نفي الحكم عن غيره اهـ قال محمد بن فضيل (وذكر) أبو مالك (خصلة أخرى) غير هاتين المذكورتين مكملة للثلاث نسيتها ظاهره أنه ذكر ثلاث خصال وليس كذلك وإنما المذكور هنا خصلتان فقط قالوا: المذكور هنا خصلتان لأن قضية الأرض في كونها مسجدًا وطهورًا خصلة واحدة وأما الثالثة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015