قَال: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلابِ. ثُمَّ قَال: "مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلابِ؟ " ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيدِ وَكَلْبِ الْغَنَمِ. وَقَال: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِنَاءِ فاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ. وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وخمسين وقيل سنة (60) ستين. وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون (قال) عبد الله بن مغفل (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب) قال صاحب البذل: ولعل الأمر بالقتل لنجاستها ولمنعها من دخول الملائكة البيت اهـ (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بالهم) أي ما بال الناس وشأنهم يقتلون الكلاب؛ وما للاستفهام الإنكاري في محل الرفع مبتدأ خبرها ما بعدها (وبال الكلاب) أي وشأنها تُقتل أي لأيِّ ضرر قتلوها ولأي سبب تُقْتَل، وفي رواية أبي داود (ما لهم ولها) أي لم يتعرضون لقتلها فأفاد النهي عن القتل، وأما الإذن في الاقتناء فلا، فلذلك قال (ثم) بعد النهي عن القتل (رخص) لهم وجوَّز (في) اقتناء (كلب الصيد) أي في اتخاذ كلبٍ تصيد لهم الصيد (و) في (كلب الغنم) أي وفي اتخاذ كلب ترعى لهم الغنم وتحفظها من الذئاب والسباع في مرعاها (وقال) أيضًا (إذا ولغ الكلب) وأدخل لسانه (في الإناء) المشتمل على المائع كاللبن والماء والخل والعصير (فاغسلوه) أي فاغسلوا ذلك الإناء (سبع مرات) كاملة (وعفِّرُوه) بالتشديد أي وادلكوا ذلك الإناء (الثامنة) أي في المرة الثامنة (في التراب) أي بالتراب الطهور، قال في المصباح: العَفَرُ بفتحتين وجه الأرض ويطلق على التراب، وعفرتُ الإناء عفرًا من باب ضَرَب دَلَكْتُهُ بالعَفَر، وعفرته بالتشديد مبالغة فيه والمعنى كما في المبارق فاغسلوه سبعًا واحدة منهن بالتراب سماها ثامنة لكون التراب قائمًا مقام غسله مرة أخرى يدل عليه ما في الرواية السابقة، قال المناوي: والتعفير بالتراب تعبدي وقيل للجمع بين الطهورين وليس فيه دليل على وجوب غسلة ثامنة لأنه إنما سماها ثامنة لاشتمالها على نوعي الطهور.
وفي المفهم: وأمره صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب إنما كان لَمَّا كثرت وكثر ضررها، ثم لما قُتل أكثرها وذهب ضررها أنكر قتلها، فقال: ما بالهم وبال الكلاب، ويحتمل أن يكون ذلك ليقطع عنهم عادة الفهم لها إذ كانوا قد أَلِفُوها ولابَسُوها كثيرًا حتى يُطعموها معهم، وقوله (ثم رخص لهم في كلب الصيد والغنم) يعني في اتخاذه وغيرها لا يُتخذ وإن لم يقتل، وهو الذي من اتخذه نقصر من عمله كل يوم قيراط وذلك لما يُرَوِّع ويؤذي. انتهى.