"إِني أَدخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَينِ"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إلى نزع الخفين لغسل الرجلين (إني أدخلتهما) أي لأني أدخلت القدمين في الخفين حالة كون القدمين (طاهرتين) من الحدث الأصغر فأقتصر على مسحهما لأنه رخصة تصدق الله تعالى بها على عباده. وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث، الأول حديث جرير ذكره للاستدلال وذكر فيه متابعة واحدة، والثاني حديث حذيفة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة، والثالث حديث المغيرة ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه ست متابعات، والله سبحانه وتعالى أعلم.

(خاتمة):

قال القرطبي: أنكر طائفة من أهل البدع المسح على الخفين في السفر والحضر كالخوارج لأنم لم يجدوه في القرآن على أصلهم وردهم أخبار الآحاد، وأنكرته الشيعة لما روي عن علي أنه كان لا يمسح، وأنكره غير هؤلاء زاعمين أن التمسك بآية الوضوء أولى إما لأنها ناسخة لما تقدمها من جواز المسح الثابت بالسنة وإما لأنها أرجح من أخبار الآحاد، وأما جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى فالمسح عندهم جائز، قال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين، ثم إنه قد ورد من الأحاديث الصحيحة والمشهورة ما يفيد مجموعها القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، وقد روي عن مالك إنكار المسح على الخفين وليس ذلك بصحيح مطلقًا، وإنما الذي صح عنه من رواية ابن وهب في هذا أنه قال "لا أمسح في حضر ولا سفر" نقلها أبو محمد بن أبي زيد في نوادره وغيره، فظاهر هذا أنه اتقاه في نفسه، وقد روى ابن نافع في المبسوط عن مالك ما يزيل كل إشكال أنه قال له عند موته: المسح على الخفين في الحضر والسفر صحيح يقين ثابت لا شك فيه إلا أني كنت أجد في خاصة نفسي بالطهور ولا أرى من مسح مُقَصِّرًا فيما يجب عليه، وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل قول مالك، كما روي عن عمر أنه أمرهم أن يمسحوا أخفافهم وخلع هو وتوضأ وقال: حُبِّب إليَّ الوضوء، ونحوه عن أبي أيوب، قال الشيخ رحمه الله تعالى: وعلى هذا يحمل ما روي عن علي، قال أحمد بن حنبل: فمن ترك ذلك على نحو ما تركه عمر وأبو أيوب ومالك لم أُنْكِره عليه وصلّينا خلفه ولم نَعِبْهُ إلا أن يترك ذلك ولا يراه كما صنع أهل البدع فلا نصلي خلفه.

فأما من أنكر المسح في الحضر وهي أيضًا رواية عن مالك فلأن أكثر أحاديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015