"مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا .. فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

قولهُ صلى الله عليه وسلم: ("مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا) أي: من افترى عليَّ كَذِبًا عَمْدًا وعِلْمًا ونَسَبَ إِليَّ ما لم أشرعه قولًا أو فعلًا أو تقريرًا ( .. فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ) أي: فَلْيتَّخِذْ مَقَرَّه ومنزلَه (من النَّارِ") الأُخروية؛ بسبب افترائِه واختلاقِه على كَذِبًا (?).

قال القرطبيُّ: (أي: ليتّخذْ فيها منزلًا فإِنها مقرُّه ومسكنهُ، يُقال: تبوأت منزلًا؛ أي: اتخذته ونزلته، وبَوَّأْتُ الرجلَ منزلًا؛ أي: هيأتُه له، ومصدرُه: باءة ومباءة، وهذه صيغةُ أمرٍ، والمرادُ بها: التهديدُ والوعيدُ، وقيل: معناها الدُّعاءُ عليه؛ أي: بَوَّأَهُ اللهُ سبحانه ذلك، وقيل: معناها الإخبارُ بوقوع العذاب به في نارِ جهنَّم، وكذلك القولُ في حديث عليٍّ الذي قال فيه: "يَلِجِ النار" (?).

وقد روى أبو بكرٍ البَزَّارُ هذا الحديثَ من طريق عبد الله بن مسعود وزادَ فيه: "ليُضِلَّ به" (?).

وقد اغْتَرَّ بهذه الزيادة أُناسٌ ممن يَقْصِدُ الخيرَ ولا يعرفُه، فظَنَّ أَنَّ هذا الوعيدَ إِنما يتناولُ من قَصَدَ الإِضلال بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمَّا مَنْ قَصَدَ الترغيبَ في الأعمال الصالحة وتقويةَ مذاهب أهل السُّنَّة فوضع الأحاديث لذلك .. فلا يتناولهُ، وهذه جهالةٌ؛ لأن هذه الزيادةَ تُروى عن الأعمش ولا تَصِحُّ عنه، وليستْ معروفةً عند نَقَلَةِ ذلك الحديث مع شُهرته، وقد رواها أبو عبد الله الحاكمُ المعروف بابن البَيِّع من طُرُقٍ كثيرةٍ، وقال: إِنها واهيةٌ لا يَصِحُّ منها شيء، قال الشيخ رحمه الله تعالى: ولو صَحَّتْ .. لما كان لها دليلُ خطاب، دما نما كانت تكون تأكيدًا؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيرِ عِلْمٍ}، وافتراءُ الكذبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015