وَاعْلَمْ -وَفَّقَكَ اللهُ تَعَالى-:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والترجمةُ هنا خاصَّةٌ بجزءٍ واحدٍ؛ لأنَّ وجوب تَرْكِ الرواية عن الكذّابين يستلزمه وجوبُ الرواية عن الثقات المُتْقِنين، فالترجمةُ حينئذٍ على جزءٍ واحدٍ.

و(الوجوبُ) لغةً: الثُّبوت واللُّزوم، وشرعًا: ما يُتَابُ فاعلُه ويُعَاقَبُ تاركُه، والوجوبُ هنا شرعيٌّ لا صناعيٌّ.

و(الرِّوايةُ): نَقْلُ الخَبَرِ وأَخْذُه عن الغير.

و(الثِّقَاتُ): جمع ثِقَة، والثِّقَةُ: مَنْ يُؤْتَمَنُ في مَقَالِه وفَعَالِه، يُقال: وَثِقَ يَثِقُ بكسر الثاء فيهما ثِقَةً ووُثُوقا إِذا ائتمنه، والثِّقَةُ مصدرٌ بمعنى اسمِ المفعول؛ أي: موثوقٌ به.

و(الكَذَّابون) جمع كَذَّاب وهو مبالغة كاذب، والكاذبُ: من اتَّصَفَ بالكَذِب، والكَذِبُ لغةً: الإِخبارُ عن الشيء على خلاف ما هو عليه، عَمْدًا كان أو سَهْوًا أو جَهْلًا، وشرعًا: الإِخبارُ عن الشيء على خلافِ ما هو عليهِ عَمْدًا.

ومعنى الترجمة: هذا بابٌ معقودٌ للاستدلال على وجوبِ الاقتصارِ على رواية الأحاديث عن الثقات الحُفَّاظ المشهورين أو المستورين، وهما القسمان اللّذان أدخلهما المؤلِّفُ في "جامعه"، ووجوبِ تَرْكِ رواية الأحاديث عن الكَذَّابين الوضَّاعين المتروكين، وهو القسم الذي لم يُدخله في "جامعه".

وبسَنَدِنا السابقِ المُتَّصِل إِلى المؤلِّف أقول: قال الإِمامُ مسلمٌ رحمه الله تعالى:

(واعْلَمْ) بواو الاسئتناف كما في نسخة "شرح السنوسي" (?)، وفي بعض النسخ إِسقاطُها كما في نسخة شرح النووي (?)، وهي: كلمةٌ يُؤتَى بها إِذا كان ما بعدها أمرًا مُهِمًّا، والأمرُ فيه للسائل المتقدّم، أو لكُلّ طالب؛ أي: واعْلَمْ أيُّها السائلُ الذي سألني تأليفَ هذا الجامع، أو أيُّها الطالبُ لعلم الحديث رِوايةً ودِرايةً.

وقولُه: (وَفَّقَكَ اللهُ تَعالى) وأَقْدَرَكَ على فِعْل الخيرات .. جملةٌ دعائيةٌ معترضةٌ بين العلم ومفعوله، تأكيدًا للأمر بعِلْمِ ما سيأتي واهتمامًا به؛ أي: واعْلَمْ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015