الْغَلَطُ .. أَمْسَكْنَا أَيضًا عَنْ حَدِيثِهِمْ. وَعَلامَةُ الْمُنْكَرِ فِي حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ: إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَا .. خَالفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ، أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(الغَلَطُ) والخطأُ، وهو ضِدُّ الصواب .. فإنّا نحن (أَمْسَكْنا) كلامنا وسكتنا (أيضًا) أي: كما لا نَتَشَاغَلُ بحديثِ أولئك أَمْسَكْنا (عن) رواية (حديثِهم) أي: عن رواية حديثِ مَنِ الغالبُ في حديثه المُنْكَرُ أو الغَلَطُ، وقولُه: (أَمْسَكْنا ... ) إِلخ تصريحٌ بما عُلِمَ من التشبيه السابق في قوله: (وكذلك).
(وعلامةُ) الحديثِ (المُنْكَرِ) أي: أَمَارَتُهُ التي تَدُلُّ على نكارتِه إِذا وَقَعَ (في) جنسِ (حديثِ المُحَدِّثِ) وهو -أعني: المُحَدِّثَ- من اشتغل به رِوايةً ودِرايةً وجَمْعَ رُواةٍ، واطَّلَعَ على كثيرٍ من الرُّواةِ والرِّواياتِ في عصره.
قال السنوسي: (وهذه العلامةُ التي ذَكَرَ علامةُ المنكرِ المردودِ، وقد يُطْلَقُ المُنْكَرُ في الاصطلاح على انفرادِ الثقةِ بحديثٍ، وليس هذا بمنكرٍ مردودٍ إِذا كان الثِّقَةُ ضابطًا مُتْقِنًا) اهـ (?)
أي: علامةُ المنكرِ إِذا وَقَعَ في حديثِ المُحَدِّثِ أنه (إذا ما عُرِضَتْ) وقُوبِلَتْ (روايتهُ) أي: روايةُ المُحَدِّث (لـ) ـذلك (الحديثِ على روايةِ غيرهِ) أي: على روايةِ غيرِ المُحَدِّثِ له من الثقات حالةَ كَوْنِ ذلك الغير (مِنْ أَهلِ الحِفْظِ) والإِتقانِ (والرِّضا) والدِّيانة، وجوابُ إِذا قولُه: (خَالفَتْ روايتُه) أي: روايةُ ذلك المُحَدِّث (روايتَهم) أي: روايةَ أولئك الغير الذين كانوا من أهل الحفظ والرِّضا في جميع مُتُونِها وأسانيدِها (أَوْ لَمْ تَكَدْ) أي: لم تُقَارِبْ روايتُه (تُوَافِقُها) أي: تُوَافِقُ روايتَهم في جميع مُتُونها وأسانيدِها؛ أي: لا تُوَافِقُها إلا في قليل.
قال السنوسيُّ: (استعمل كادَ هنا على طريق مَنْ قال: نَفْيُها نَفْيٌ وإِثباتُها إِثباتٌ؛ أي: لم تَقْرُبْ موافقتُها في الأكثر، وفي النادر قريب من الموافقة، ولو استعملَها على طريقِ مَنْ قال: ثبوتُها نَفْيٌ ونَفْيُها ثبوتٌ .. لفَسَدَ المعنى، والله أعلم) اهـ (?).