. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وجماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم، وأجيب عن حديث ابن الخصاصية بأنه إنما اعترض عليه وأمره بالخلع احترامًا للمقابر، وقيل لاختياله في مشيه، وقال الطحاوي: إن أمره صلى الله عليه وسلم بالخلع لا لكون المشي بين القبور بالنعال مكروهًا ولكن لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قذرًا فيهما يقذر القبور أمر بالخلع، وقال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لأنه فعل أهل النعمة والسعة فأحب أن يكون دخول المقبرة على التواضع.

قوله (يأتيان ملكان) ووقع في حديث أبي هريرة عند الترمذي وحسّنه "أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير" وفي رواية لابن حبان يقال لهما منكر ونكير، وزاد الطبراني في الأوسط من طريق أخرى عن أبي هريرة "أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر وأصواتهما مثل الرعد" وذكر بعض الفقهاء أن اسم اللذين يسألان المذنب منكر ونكير، وأن اسم اللذين يسألان المطيع مبشر وبشير اهـ فتح الباري [3/ 237].

قوله (فيقعدانه) به استدل الجمهور على أن سؤال الميت وعذابه في القبر يكون على روحه مع الجسد لا على الروح فقط وإن أحاديث هذا الباب تدل على ثبوت عذاب القبر، وفيه مذاهب؛ الأول: مذهب الخوارج وهو إنكار عذاب القبر مطلقًا، وبه قال بعض المعتزلة، مثل ضرار بن عمرو وبشر المريسي ومن وافقهما وهو قول مردود بالنصوص المتواترة معنى، وقد فصلها العلامة العيني في عمدة القاري [4/ 116 و 162]، والتفتازاني في شرح المقاصد [5/ 111 - 116] والشريف الجرجاني في شرح المواقف [8/ 317] ورد كل منهم على ما استدل به المنكرون لعذاب القبر.

(الثاني: أن عذاب القبر إنما يقع على الكفار دون المؤمنين وهو مذهب بعض المعتزلة كالجياني حكاه عنهم الحافظ في فتح الباري [3/ 233]. وحديث عذاب القبر لمن كان لا يستتر من بوله ولمن كان يمشي بالنميمة يرد عليهم وكذلك بعض الأحاديث الأخرى.

(الثالث: إن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد وهو مذهب ابن حزم وابن هبيرة كما نقل عنهما الحافظ في الفتح [3/ 235] وحديث الباب حجة عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015